الإمكان الخارجي بمجرد إمكان تصوره في الذهن، كما أنهم لما أرادوا إثبات موجود في الخارج معقول، لا يكون محسوسًا بحال، استدلوا على ذلك بتصور الإنسان الكلي المطلق المتناول للأفراد الموجودة في الخارج، وهذا إنما يفيد إمكان وجود هذه المعقولات في الذهن، فإن الكلي لا يوجد كليًا إلا في الذهن، فإن طرق هؤلاء في إثبات الإمكان الخارجي من طريقة القرآن.
ثم إنهم تمثل بهذه الطرق الفاسدة يريدون خروج الناس عما فطروا عليه من المعارف اليقينية والبراهين العقلية، وما جاءت به الرسل من الأخبار الإلهية عن الله واليوم الآخر.
ويريدون أن يجعلوا مثل هذه القضايا الكاذبة والخيالات الفاسدة أصولًا عقلية يعارض بها ما أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه من الآيات، وما فطر الله عليه عباده. وما تقوم عليه الأدلة العقلية التي لا شبهة فيها.
وأفسدوا بأصولهم العلوم العقلية والسمعية، فإن مبني العقل على صحتها وسلامتها، ومبني السميع على تصديق الأنبياء صلوات الله عليهم. يحملون للناس الأمرين، فدلوهم على الأدلة العقلية التي بها نعم المطالب التي يمكنهم علمهم بها بالنظر والاستدلال. وأخبروهم مع ذلك من تفاصيل الغيب بما يعجزون عن معرفته بمجرد نظرهم واستدلالهم.
وليس تعليم الأنبياء صلوات الله عليهم مقصورًا على مجرد الخبر، كما يظنه كثير، بل هم بينوا من البراهين العقلية التي بها تعلم العلوم الإلهية، ما لا يوجد عند هؤلاء البتة. فتعليمهم صلوات الله عليهم جامع للأدلة العقلية والسمعية.
وهؤلاء على الفساد والقصور مع تأثير نفوسهم من الكبر الذي ما هم بالغيه، كما قال تعالى {الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان آتاهم