فصل- وأما المقام الرابع وهو قولهم إن القياس أو البرهان يفيد العلم بالتصديقات فهو أدق المقامات. وذلك أن خطأ المنطقيين في المقامات الثلاثة وهي منع إمكان التصور إلا بالحد، وحصول القصور بالحد ومنع حصول التصديق بالحد، ومنع حصول التصديق إلا بالقياس، واضح بأدنى تدبر، ومدركه قريب والعلم به ظاهر. وإنما يلبسون على الناس بالتهويل والتطويل وأظهرها خطأ دعواهم أن التصورات المطلوبة لا تحصل إلا بما ذكروه من الحد، ويليه قولهم إن شيئًا من التصديقات المطلوبة لا تنال إلا بما ذكروه من القياس فإن هذا النفي العام أمر لا سبيل إلى العلم به. لوا يقوم عليه دليل أصلًا، مع أنه معلوم البطلان بما يحصل من التصديقات المطلوبة بدون م ذكروه من القياس، كما تحصل تصورات مطلوبة بدون ما يذكرونه من الحد.
بخلاف هذا المقام الرابع، فإن كون (القياس) المؤلف من المقدمتين يفيد (النتيجة)، هو أمر صحيح في نفسه.
لكن الذي بينه نظار المسلمين في كلامهم على هذا المنطق اليوناني المنسوب إلى أرسطو أن ما ذكروه من صور (القياس) ومواده مع كثرة التعب العظيم ليس فيه فائدة علمية. بل [و] كل ما يمكن علمه (بقياسهم) يمكن علمه