وحج هشام، فاجتمع عنده عبد الله بن عروة إبراهيم بن هشام، وحضر مسلمة بن عبد الملك، فقال عبد الله بن عروة: يا أمير المؤمنين، إن مما طيب أنفسنا عن من أصيب منا، لما بقي بأيدينا مما كف الله به وجوهنا عن قومنا وغيرهم، فتناول هذا أعراضنا وأموالنا، فكيف الحياة مع هذا؟ فقال هشام: ألا تسمع يا إبراهيم ما يقول هذا؟ فقال إبراهيم: أمير المؤمنين أمير المؤمن.....، وهو هو. فقال هشام: وما هذا الكلام؟ أجل لعمري..... وأقبل هشام بعد ذلك على مسلمة فقال: سمعت ما قال ابن عروة؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، كأنك قد قلت لي تجهز إلى الحجاز، قد سمعت كلام رجل لا يقيم على ما شكا، إن أقام، إلا قليلاً.
حدثنا الزبير قال، وحدثني مصعب بن عثمان قال: كان عبد الله ابن عروة قد دخل على هشام بن عبد الملك عام حج بالمدينة فقال: إنك أطعمت إبراهيم بن هشام ما بين منابت الزيتون من الشأم، إلى منابت القرظ من اليمن، فلم يغنه كثير ما بيده، عن قليل ما بأيدنا، وإنا والله ما طبنا أنفساً بفراق الأحبة، إلا بما ترك بأيدينا من معايشنا، ولولا ذلك لاخترنا بطن الأرض على ظهرها، وقد أعطيتمونا من الأمان ما قد علمتم، فإما وفيتم لنا بعهدنا، أو رددتم إلينا سيوفنا. فأعجب قوله هشاماً.