لحكومتها فيها اعتبارٌ قوي.

وهذا تفصيلُ ما ألمحنا إليه فيما كتبناه سلفًا بقولنا: "على أن هذا الرواجَ لا يخرج ماهية الديون عن أصلها الشرعي، وإذا لم يزدها قوة لا يكسبها ضعفًا"، (?) إذ نبهنا بذلك على أنها أجدرُ بالزكاة من أقوى أصناف الديون التي نص عليها المتقدمون؛ لأنها تفوقها في الرواج، لنردَّ بذلك على خطأ مَنِ اعتقد أن ذلك الرواجَ يُخرجها عن صفات الديون المنصوص على زكاتها، ويقربها شبهًا بالجلود التي يضربها السلاطين عند إفلاس خزائنهم، ويظلمون الرعايا؛ يجبرونهم على ترويجها.

وليس يلزم بحسب التعقل انحصارُ ثمنية الأشياء في خصوص الذهب والفضة معدنين يشاركهما في المعدنية الرصاصُ والصُّفْرُ، (?) وبشاركهما في اللون واللمعان الزجاج وغيره، ولذلك لم يكن لهما فضيلة إلا باصطلاح البشر على جعلهما ثَمَنيْن للأشياء من قبل كتابة التاريخ. ولا شك أن ذلك ناشئٌ عن صعوبة التعاوض بالأعيان لما فيها من عسر التجزئة ومن ثقل الحمل، ومن اختلاف الأغراض، مع ما في الذهب والفضة من الرغبة للتجمل بهما من قديم تمدن البشر.

ولا شك أن الذي يستفضل أشياء عن حاجته يميل إلى الترف، فكان من الترف عندهم التجملُ بالذهب والفضة لجمالهما، ولقلة المقدار الموجود منهما في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015