الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34]: "إن قصدَ التَّملك لمَّا أوجب الزكاةَ في العروض، وهي ليست بمحلٍّ لإيجاب الزكاة، كذلك كان قصدُ قطع النماء في الذهب والفضة باتخاذهما حليًّا يُسقط الزكاة، فإن ما أوجب ما لم يجب يصلح لإسقاط ما وجب، [وتخصيص ما عم وشمل] ". (?) وقال في القبس: "فإذا خرج المالُ عن أصله من النماء إلى القنية، فقد عدل به عن جهة النماء"، (?) فلذلك قلنا بسقوط الزكاة في الحليِّ المتخذ للقنية.
وعليه فلا يبعد أن يقول أحدٌ بمشروعية الزكاة في أوراق البانكة كزكاة النقدين، بأن تكون زكاتُها أوسعَ من زكاة الديون، فتجب فيها في كل عام على قدر قيمة رواجها في الصرف، حيث صار لها من الرواج ما للنقدين، وجُعِلتْ ثمنًا للأشياء، وقُصد بتقليبها النماء، وكان تحصيلُها غنًى معتبرًا. وهي وإن كانت في الأصل حججًا تُحَمِّل البنوك بمقدار ما فيها كما بيناه في غير هذا، (?) ولكن عرض لها من ثقة الناس بملأ المدين بها مع ضمان الحكومة وإجرائها مجرى النقدين في الرواج، كانت لذلك كالنقدين. (?) إلا أن رواجَها خاصٌّ بحكومتها، أو بالبلاد التي