من هذا أن الغنى يكون إما بمال ثابت، أو آيل إليه. واحترزنا بالثابت عما يُسرع إليه الاضمحلال، كالبقول والثمار الرطبة، وعما لا تتوافر فيه الرغباتُ في جميع الأحوال، كالفواكه والتوابل والعسل.
ويُؤخذ من كلام الفقهاء ضابطٌ لِمَا اهتدينا إليه من حقيقة المال الذي يحصل به الغنى، وذلك أن يشتمل هذا المالُ على وصفين وقعا في كلامهم:
أحدهما: أن يكون ذا بال، قال المازري: "المواساة إنما تكون فيما له بالٌ من الأموال". (?)
ثانيهما: أن يكون قابلًا للنماء؛ لأن المال إذا لم يكن قابلًا للنماء أخذ في النقص فالنفاد، فيكون الغنى به ناقصًا مضمحلًا. قال ابن العربي في القبس: "الزكاة مختصة بالأموال النامية، أو المعرضة لذلك". (?) وقال المازري في المعلم: "قيل: سميت الزكاة زكاة؛ لأن أصلَ الزكاة في اللغة النماء، وهو الزيادة. والزكاة أداءٌ مُقرَّرٌ على الأموال المعَرَّضة للنماء". (?)