وإذا كانت الرؤيةُ بالعين وحدها لا تمكن بعد مضيِّ ساعاتٍ من تكوُّنِ الهلال وبعد خروجه من بقايا شعاع الشمس عند الغروب، كان حسابُ التقويم أولَى من الرؤية؛ لأن تأخر ظهور الهلال للأبصار بعد وجوده بساعات حالةٌ طردية لا أثرَ لها في اعتبار القياس، كما أن تفاوتَ الأعين في رؤيته لا عبرةَ به، فالتفاوت إذن وصفٌ طردي. (?)
وقد يتمكن ضعيفُ البصر من رؤية الهلال بوضع نظارات، فيرى الشيء الذي لم يره قبل وضع النظارات. والنظارات أيضًا متفاوتةٌ في تقريب المرئي، فشتان بين النظارات الاعتيادية التي اعتاد بها أهل الأبصار الضعيفة وبين الناظور المكبر المسمى "مرآة الهند"، بله الناظور المضخم الذي ترصد به النجوم المسمى "تليسكوب". فالتقويم طريقٌ علمي يُكسب الظنَّ القريب من القطع بثبوت الهلال.
وقد اعتبر الشرعُ التقويم في أوقات الصلاة، فلا وجهَ لترك قياس ثبوت شهر الصوم على وقت الصلاة، إذ لا فرقَ بينهما إلا بأوصاف طردية، وهي لا تؤثر في الإجراء الشرعي.
وحاول شهابُ الدين القرافي التفرقةَ بينهما في الفرق الثاني والمائة فلم يأت بطائل، وآل كلامُه إلى أن حديث: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته" لا يشمل