فهذه أربعةُ أقوالٍ للمالكية ولغيرهم من علماء الأمصار، كلها - عدا قول ابن حبيب منها في خصوص سورة يس - تجري في تلاوة الأذكار عند الميت في المواطن الثلاثة، إذا كانت تلك الأذكارُ مما ثبت أنه يُثاب عليه شرعًا، مثل الهيللة والتسبيح بصيغته المأثورة والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -. أما الأقوالُ التي لم يثبت في الشريعة ثوابٌ لقائلها ولا هي دعاء للميت، فلا يختلف علماؤنا في كراهة تلاوتها في المواطن الثلاثة، لانتفاء ما عارض دليلَ الكراهة عندهم من رجاءِ الثواب الحاصل من تلاوة القرآن والأذكار المشروعة.

وبهذا يظهر أنه لا يوجد مَنْ يقول بأن قراءة القرآن أو الذكر في مواطن الجنازة منكَرٌ حتى يترتَّب على ذلك أن يحتسب المسلمون بتغييره باليد أو باللسان، بل أقصى حكمِها في النهي أن تكونَ من قبيل المكروه، والمكروه لا يغَيَّر على فاعله. وقد جرى عملُ كثيرٍ من بلاد الإسلام على اتباع قول الذين رأَوْا استحبابَ القراءة، فلأهل الْميت الخيارُ بين أن يتَّبعوا السنةَ أو يتبعوا المستحب. قال أبو سعيد ابن لب (?) - كبير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015