فإذا تقرر هذا، عُدنا إلى الكلام على البدعة بالمعنى الأعم، لأنه الذي يناسب إطلاقاتِها في الآثار، وهو المقدارُ المسوق له تعريفُ عز الدين بن عبد السلام. والبدعة بهذا المعنى تنقسم انقسامًا أوليًّا إلى قسمين: قسم يرجع إلى الديانات، وقسم يرجع إلى العادات.
فأما القسم الذي يرجع إلى الديانات، فرجوعُه إليها إما شديد التعلق بها وإما ضعيف التعلق. فأما شديدُ التعلق فمنه ما يكون في العبادات كالتثويب، وهو النداءُ بعد الأذان بنحو "حي على الفلاح" لقصد تنبيه مَنْ يغفل عن الوقت، لا سيما إذا بَعُد ما بين الأذان والصلاة. وكذلك الضحية عن الميت.
ومنه ما يكون في المعاملات، مثل الكراء المؤبَّد المعبَّر عنه بالإنزال أو بالجلسة. (?) ومنه الطلاق البدعي. وقولهم: "تحدث للناس أقضيةٌ بقدر ما أحدثوا من الفجور"، (?) وقد أحدثوا أساليبَ المرافعات المعبَّر عنها بأحكام القضاء. غير أن