الثاني عرَّف أبو إسحاق الشاطبي في كتابه "الاعتصام" البدعة فقال: "هي طريقةٌ في الدين مخترعة تضاهي الشرعيةَ، يُقصد بالسلوك عليها المبالغةُ في التعبد [لله سبحانه] ". (?) فالطريقة هي العمل أو القول، والمخترعة هي التي لا أصلَ لها في الشريعة. ومعنى قوله "تضاهي الشريعة" أنها تشابه الأمورَ المشروعة وليست منها، فأخرج العادات التي أحدثها الناسُ بعد زمن النبوة كاتخاذ المناخل وغسل الأيدي بالصابون.
وقوله: "يقصد بسلوكها المبالغة في التعبد" مُخرِجٌ للأمور التي لا تتعلق بالعبادة مما يدخل في أبواب المعاملات والعادات. فاختصَّتِ البدعةُ - على رأي الشاطبي - بما يحدث في العبادات خاصة، وهي بعض الدين؛ لأن الدين اعتقاداتٌ ومعاملاتٌ وعبادات، وهو اصطلاح جديد. فإن الفقهاء سَمُّوا محدثاتِ الاعتقاد بدعًا، وسَمُّوا أصحابَها بأهل البدع، وسَمُّوا بعضَ أنواع الطلاق بالطلاق البدعي. (?)
وأما المُحدَث فهو مرادفٌ للبدعة لغةً، وأشهرُ منها في التبادر. وكذلك هو مرادف لها في اصطلاح الشرع؛ لأنه لمَّا كان المرادُ به في لسان الشرع ما يحدث من أجناس الأفعال والأقوال آل معناه إلى معنى البدعة، ولكنه أشهر في اللغة. لذلك حسن تفريعُ البدعة على المحدَث في حديث: "وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة". (?) وصح الإخبارُ عن المحدَث بأنه بدعةٌ بما رواه أبو داود في حديث