حديث الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"، (?) وقال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: 104]. وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ رأى منكم منكرًا فلْيُغيِّرْه بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، [وذلك أضعفُ الإيمان] ". (?)
فأما البدعة، فهي أشهرُ الألفاظ المترددة بين الناس في موضوعنا. وأصلُها في اللغة الأمر الجديد الذي لم يسبق بنظير، قال تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 9]. فالبدعة في الإسلام تكون إحداثَ شيء في أحوال المسلمين ليس له مساس بأمور الدين، وتكون إحداث شيء يمس أمور الدين. وقد راعى بعضُ علمائنا كلتا الحالتين، وهم الجمهور. وراعى بعضُهم الحالةَ الثانية، ومنهم النووي وأبو إسحاق الشاطبي. وإيفاءً بتقصِّي جذور المسألة، ينبغي شرحُ المعنيين ليكون البحث مستوفًى، وتكون (?) الحجة لنفوس المترددين أشفى.
فعلى رأي الفريق الأول عرف عز الدين ابن عبد السلام في كتاب "القواعد" البدعة فقال: "البدعة فعلُ ما لَم يُعْهدْ في عصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (?) وعلى رأي الفريق