صاحبه الشجاعة الأدبية في علومه، كما قال تعالى في أهل الكتاب: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (78)} [البقرة: 78]. فإذا حصل للأمِّيِّ من الانكشافات والعلوم كا جاءه من لدن وحيٍ إلهي غيرِ محتمِلٍ للخطأ في كل نواحي المعرفة التي بُعث لأجلها والتي تتوق نفسُه لعلمها تبعًا لأصلها، فكان على بينة من أمره ويقين من علمه ثابتًا على بثه: {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ} [الأنعام: 57].

فقد حصل له من العلم أوثق وأسمى مما يحصل للمتعلمين غير الأميين، ففي تلك الحالة لا تكون أمية ذلك الأمِّيِّ نقصًا، وهو في هذه الحالة وإن ساوى المتعلم في كثير من المعارف، فقد فاقه بكون المعاني الحاصلة له غير معرضة للشك والاختلاف وبظهور كرامته عند الله تعالى إذ خصه بمزية العلم مع الأمية لتكون آية عند أمة الدعوة من الأميين إذ جاءهم بما لا قبل لأفضل عقلائهم بنواله، ومن غير الأميين إذ أوتِيَ من علوم دينهم ما يُعد تحصيله بينهم عزيز الوقوع في خاصة أحبارهم مع ما يزيد من علوم لا قبل لهم بتحصيلها.

وقد تكون معجزةُ الأمية عند غير الأميين أعجبَ وأوضح؛ لأنهم كانوا يُزهون على الأميين ويعدونهم أحطَّ منهم، كما أخبر الله تعالى عنهم في قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ} [آل عمران: 75]، حتى شاع هذا في العرب، فقد ورد في الحديث الصحيح أن رسول الله لما قال لابن صياد (?) في المدينة: أتشهد أني رسول الله؟ قال ابن صياد: أشهد إنك رسول الأميين". (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015