ولأجل هذا، تنافس السلفُ الصالح - الذين لم يشاهدوا ذاتَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أو لم تعلق تفاصيلُ صفاته المباركة بمخيلاتهم لصغر سنهم حين رأوه - دائبين على طلب تعرف صفاته عساهم أن يتلمَّحوا من تلك الصفات ملامحَ ذاته المباركة. فقد سأل الحسنُ والحسين رضي الله عنهما خالَهما هند بن أبي هالة (?) - وكان وصَّافًا - عن صفة رسول الله، وسأل الحسين أباه عليًّا رضي الله عنهما، ثم حدث بها أخاه الحسن. (?)

وقد استشعر مَنْ بقيَ من الصحابة أهميةَ جمع صفات رسول الله لِمَنْ يأتي من أمته، فظهر منهم حرصٌ على تحديث الناس بذلك، فكان أبو هريرة - رضي الله عنه - إذا رأى أحدًا من الأعراب أو أحدًا لَمْ ير النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول له: ألا أصف لك النبي؟ ثم يفيض في وصف شمائله. (?) وجاء رجلٌ من بني عامر إلى أبِي أمامة الباهلي فقال له: "يا أبا أمامة إنك رجلٌ عربِيٌّ إذا وصفتَ شيئًا شفيت منه، فصِفْ لِي رسولَ الله كأنِّي أراه"، فأفاض أبو أمامة في ذكر شمائله - صلى الله عليه وسلم -. (?) فصار مثل المسلمين في ذلك كمثل قول الشاعر [بشار]:

قَالُوا بِمَنْ لَا تَرَى تَهْذِي فَقُلْتُ لَهُمْ ... الأُذْنُ كَالعَيْنِ تُؤْتِي القَلْبَ مَا كَانَا (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015