لا أحسب مسلمًا يخير في أي الأماني أحبُّ إليه أن يحصل بعد تعدادها، ثم لا يكون مختارًا منها أن يرى ذاتَ نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -. وإذا كان رسولُ الله قد تمنَّى أن يرى مَنْ يجيء بعده من المسلمين لمحبته أمتَه كما في الموطأ عن أبي هريرة أن رسول الله قال: "وَدِدْتُ أَنّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله أَلَسْنَا إِخْوَانَكَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإخْوَانِي الّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ وَأَنَا فَرَطُهُمْ علَى الْحَوْضِ". (?)
فكيف لا تكون شدةُ حب الأمة نبيها مبعثَ تمنيهم أن يروه؟
فلئن فاتَهم إمكانُ رؤيةِ ذاته الشريفة، فلهم في التعلق بصفاته سلوى، كما قال البوصيري:
فَتَنَزَّهَ فِي ذَاتِهِ وَمَعَانِيهِ ... اسْتِمَاعًا أَنْ عَزَّ مِنْهَا اجْتِلَاءُ (?)