له: أين أبوك يا رسول الله؟ قال رسول الله: "حيثما مررت بقبر مشرك فبشره بالنار"، قالوا: ومعمر أثبت من حماد؛ فإن حمادًا تُكُلِّم في حفظه، وله أحاديث منكَرة، ولذلك لم يخرج له البخاري في الصحيح شيئًا. (?)
وكذلك روى الحديثَ ابنُ ماجه عن الزهري عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه بمثل ما رواه معمر عن ثابت عن أنس، (?) فيكون جوابُ رسول الله جرى على الأسلوب الحكيم على خلاف مقتضى الظاهر، فلا علاقةَ له بالمسؤول عنه فظنه حماد جاريًا على مقتضى الظاهر، ولم ير له وجهَ اتصال بالسؤال عنه إلا أن يكون على معنى إفادة الحكم الخاص بوجه العموم فعبر عنه بما اقتضى أنه إخبارٌ بأن المسؤول عنه في النار. واعلم أن الحال الذي اقتضى إخراجَ جواب رسول الله على طريقة الأسلوب الحكيم وعدولَه عن صريح الجواب أنه رأى في جواب سؤاله ما يوجب إنكسارَ نفسه؛ لأن شأن الذي يصيبه ما يكره أن يشتد عليه إذا كان غيرُه ممن يظنه قد شاركه في المصيبة سالِمًا من تلك المصيبة.
وقيل في الجواب: إن السائل عنى بقوله: "أين أبوك؟ " أبا طالب، فإنه الذي يعرفه الناس وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُنسب إليه؛ لأنه كافله. ألا ترى أن قريشًا قالوا لأبي طالب: "قل لابنك يرجع عن شتم آبائنا"؟ (?)