وأمُّ رسول الله هي آمنةُ بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن حكيم، فزهرة أخو قُصي، وهي تلتقي مع رسول الله في حكيم. هذا العِقدُ النفيس ما انتظم في سِمطيه إلا جوهر، ولم يشنه وَكْت، (?) ولم تنخره قادحة. فكانت كلُّ فرائده في الأجيال نيرة واضحة، وما هو إلا نسبٌ شريف العنصر، وكفاه برهانًا أن يسمع واع ويرى مبصر.

وإن الله تعالى كما قَدَّر لمحمدٍ أن يكون أفضلَ رسله، وأن يكون مبعوثًا بما وصل إليه من أقوم سبله، كذلك قَدَّر له إكمالَ الفضائل في ذاته وما يحف به، وجعل أولَ مظهر لذلك أن قدر له طهارة نسبه، حتى لا توضع تلك الجوهرةُ الفذة في غير صدف أمثالها، ولا تزن (?) بنقيصة تتطرق إليها أو إلى مثالها، فإذا نحن غصنا في بحر الأنساب روم استخراجها، ملئت نفوسُنا عجبًا من صفاتها وابتهاجها، فمثلنا حينئذ كمثل قوله:

كَمُضِيئَةٍ صَدَفِيَّةٍ غَوَّاصُهَا ... بَهِجٌ مَتَى يَرَهَا يَهِلُّ وَيَسْجُدِ (?)

شرف هذا النسب:

إن شرف العنصر والنسب في الفضائل معدودٌ في الفضائل الذاتية، ولكن ليس عدُّه في الفضائل من حيث هو كافٍ في تحصيل فضائل الذات؛ إذ قد يخلف للفرع مخيلة الأصل، وينبت في منابت النخيل شجر الأثل. (?) وإنما يُعدُّ فضيلةً من حيث هو وسيلةٌ إلَى نماء الفضائل في النفس المطبوعة على الفضيلة، وقدوةٌ للخلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015