نفي الإسلام عن المتصف ببعض الأفعال، نعلم أن ذلك مرادُه به غيرُ ظاهره، ونحمله على معنى يناسب ذلك النفيَ والغرضَ منه.

وقد اتفق علماءُ الأمة على تأويل هذه الأحاديث بقانون يعم جميعَها، ناظرٍ إلى اعتبار لفظ "ليس منا" ونحوه مستعمَلًا في كلام العرب لإخراج المخبَرِ عنه معنى من نوع المجرور بـ "من" الواقع في الخبر معنى. وقانونُ تأويله أنه جاء للزجر والتهويل، فقد نُقل عن سفيان بن عيينة أنه يكره الخوض في تأويله ويقول: "ينبغي أن يمسك عنه ليكون أوقعَ في النفس وأبلغَ في الزجر"، (?) يعني مع اعتقاد عدم إرادة ظاهره عند العلماء.

وتأوَّله بعضُ الشراح بأن المراد "ليس من أهل هدينا وسنتنا"؛ أي ليس من خيرة المسلمين. فيكون الضمير مجازًا مرسلًا علاقتُه البعضية، أو يكون في الكلام إيجازٌ بمجاز الحذف. وهذا تأويلٌ يستقيم في ضمير "منهم" العائد على لفظ المسلمين السابق، فإن معاده عام؛ إذ المقصود: مَنْ لم يهتم بأمر جميع المسلمين، والضمير على وزان معاده. وقال ابن المنَيِّر: المعنى أنه "ليس أهلًا لصحبتنا والاختلاط بنا". (?) فعلى تأويله تكون "مَنْ" التبعيضية مستعارةً لمعنى "مع"، على طريقة الاستعارة التبعية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015