كتب إلَيَّ أحد الفضلاء من بلد طولقة من عمالة قسنطينة (?) يسألني عن قوله تعالى في سورة طه: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)} [طه: 5]. وذكر أنه عجز عن فهم المراد منها، وأنه تطلَّب كشفَ الإشكال فلم يُحْظَ بكشفه. ولمَّا رأيتُ من حذقَه وسُمُوَّ همته، أحببتُ أن أُتحفه بتفسير هذه الآية على وجه أرجو أن يزيل إشكالَه، ويزيد على مثل هذا المهِمِّ الشريف إقبالَه.
هذه الآيةُ تندرج تحت القسم الثاني من أقسام المتشابه العشرة التي تعرضتُ لتأصيلها وفرَّعتُها في تفسير سورة آل عمران، ونشرتُ خلاصةَ ما كتبتُه فيها في مجلة "الهداية الإسلامية" في الجزء 12 من المجلد 2 لسنة 1348 هـ. (?)
وحاصلُه أن هذا القسمَ هو من المتشابه الذي نشأ التشابهُ فيه من القصد إلى إعلام الأمة بمعانٍ من شؤون عظمة الله تعالى، تعيَّن إيرادُها مجملةً لتعظيم وقعها في