أبغضك؛ لأنك قتلت أخي زيدًا. قال أبو مريم: يا أمير المؤمنين، هل يعدمني بغضُك إيايَ حقًّا لي في الإسلام؟ قال عمر: اللهم لا. قال أبو مريم: إذن لا يرغي في الحب إلا النساء". (?)
أما التآخي فضروريٌّ أنه لا يحصل ما دامت الأمةُ متنافرة: هذا يسلب حقًّا والآخرُ يسترجعه، وثالثٌ يرى سلبَ الأول إياه ملكًا فيأثر بحب أخذه من يد مسترجعه. وكذلك يكون أمرهم تنازعًا حتى يفشلوا وتذهب ريحهم، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله"، (?) فانظر كيف قرن بين الأخوة ونفي الظلم. لعل في هذا المقدار مقنعًا لكم إن أردتم أن تعرفوا مرتبةَ القضاء بالحق ومكانَه من الفضيلة.
قال ابن فرحون: "اعلم أن أكثر المؤلفين من أصحابنا بالغوا في الترهيب من الدخول في ولاية القضاء، وشددوا في كراهية السعي فيها، ورغبوا في الإعراض عنها والنفور والهروب منها، حتى تقرر في ذهن كثير من الفقهاء والصلحاء أن مَنْ وَلِيَ القضاء قد سهل عليه دينه. . . وهذا غلطٌ فاحش يجب الرجوعُ عنه والتوبةُ منه. . . واعلم أن كلَّ ما جاء من الأحاديث التي فيها تخويفٌ ووعيد، فإنما هو في حقِّ قُضاة الجور العلماء أو الجهال الذين يُدخلون أنفسَهم في هذا المنصب بغير علم، ففي