وبما تقرر تكون الأقوالُ التي ينطق بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة أنواع: أعلاها: وهو معلوم. (?) الثاني: الحديث القدسي وهو الذي بحثنا في شأنه، ولا بد فيه من نسبة قول إلى الله. الثالث: الحديث النبوي وهو ما عدا القرآن والحديث القدسي.

وقد تتبعتُ ما في كتاب الأحاديث القدسية للجنة القرآن والحديث، فوجدت ما يحق أن يُعَدَّ حديثًا قدسيًّا أربعةً وخمسين حديثًا، وفي أكثرها رواياتٌ ألغينا إثباتها. فنحو قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين: "ينزل ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلة إلى السماء الدنيا - حين يبقى ثلث الليل الآخر - فيقول: مَنْ يدعونِي فأستجيبَ له؟ من يسألني فأعطيَه؟ من يستغفرني فأغفرَ له؟ "، (?) يشبه أن يكون قدسيًّا وليس بالقدسي؛ لأنه قولٌ إلهي متعلِّقٌ بأحوال قوم مَخْصوصين.

ونحو قوله في حديث الموطأ: "يتعاقبون فيكم ملائكةٌ بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم، فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون"، (?) ليس بقدسي؛ لأنه حكايةُ قولٍ من الله للملائكة، وليس قولًا يُرادُ تبليغُه، وإنما المراد تبليغُ القصة كلِّها بما اشتملت عليه.

ونحو حديث: "إن الله يرضى لكم ثلاثًا، ويكره لكم ثلاثًا"، (?) ليس بحديث قدسيٍّ؛ لأنه نسبةُ فعل إلى الله لا نسبةُ قول. وكذلك حديث: "كلمتان حبيبتان إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015