غير الأحاديث القدسية: هل هو كله بوحي أو لا؟ وآية: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم: 3، 4] تؤيد الأول". (?) وقال السيوطي في الإتقان في النوع السادس عشر: "إن جبريل كان ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن". (?)

وأقول: هذا هو الظاهر، كما يدل عليه حديثُ يعلى بن أمية أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بالجعرانة وعليه (أي على الرجل) جبة وعليه أثر الخلوق فقال: "يا رسول الله، كيف ترى في رجل أحرم بعمرة، وهو متضمخ بطيب؟ فسكت النبي - صلى الله عليه وسلم - ساعة، فجاءه الوحي، فأشار عمر - رضي الله عنه - إلى يعلى، فجاء يعلى، وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوبٌ قد أظل به، فأدخل رأسه، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمر الوجه، وهو يغط، ثم سري عنه، فقال: "أين الذي سأل عن العمرة؟ " فأُتِيَ بالرجل، فقال: "اغسل الطيب الذي بك ثلاثَ مرات، وانزع عنك الجبة، واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك". (?)

فهذا الإخبار عن حكم العمرة نزل فيه وحي، ولم ينزل فيه قرآن. وظاهر الحال يقتضي أن الوحي للنبي - صلى الله عليه وسلم - في تلك الساعة نزل لأجل جواب السائل عن العمل في العمرة. على أنه يحتمل أن يكون سؤالُ السائل صادف وقتَ نزول الوحي بقرآن، وأن تأخير جواب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لأجل الاشتغال بتلقِّي قرآن ينزل لا لترقب نزول وحي لجواب السائل، وهو احتمالٌ بعيد. ومسألةُ كونِ جميع الأحاديث موحًى بها مسألةٌ مبنيةٌ على الخلاف في وقوع الاجتهاد من النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشرعيات. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015