إن واجبَ النصح في الدين والتنبيه إلى ما يغفل عنه المسلمون مما يحسبونه هينًا وهو عند الله عظيم قضى علي أن أنبه إخواننا إلى خطر أمر تفسير كتاب الله والقول فيه دون مستند: من نقل صحيح عن أساطين المفسرين، أو من إبداء تفسير أو تأويل من قائله إذا كان القائل قد توفرت فيه شروط المفسر من الضلاعة في علوم الشريعة وعلوم العربية، ولا سيما علمًا المعاني والبيان اللذين بدونهما لا يأمن المرء من تكرر الخطأ في فهم معاني القرآن، فيضل المقدم على ذلك ويُضل غيره.
وقد قال العلامةُ الزمخشري في خطبة الكشاف: " [ثم] إن أملأ العلوم بما يغمر القرائح، وأنهضها بما يبهر الألباب القوارح [- من غرائب نكت يلطف مسلكُها، ومستودعاتِ أسرارٍ يدق سلكُها -] علمُ التفسير الذي لا يتم تعاطيه وإجالةُ النظر فيه لكل ذي علم [كما ذكر الجاحظ في كتاب نظم القرآن]. فالفقيهُ وإن برز على الأقران في علم الفتاوى والأحكام، والمتكلِّمُ وإن بزَّ أهلَ الدنيا في صناعة الكلام، [وحافظُ القصص والأخبار وإن كان من ابن القِرِّيَّة (?) أحفظ، والواعظ وإن كان