وفي موطإ الإمام مالك أن أبا هريرة قال لحُميد بن مالك: (?) "أحْسِنْ إلى غنمك، وامْسَحْ الرُّعامَ عنها، وأطِبْ مُراحَها". (?) وهذا يقتضي أن لها حقًّا في مراعاة منافعها، ويجري ذلك فيما ذكره وما كان مثله. وقال القرافي في الذخيرة: "المسابقة بين الخيل والإبل جائزة، وهي مستثناةٌ من أصل ممنوع، وهو تعذيب الحيوان لغير أكله". (?)

وهذا الإحسان للحيوان لأجل إحساسه، حسبما اقتضاه قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "في كل ذي كبد رطبة أجر"، مما اختصت به شريعة الإسلام. فليس في الأديان السابقة دعوةٌ إلى الرفق بالحيوان والإحسان إليه لذاته، وما جاء في التوراة من إراحة ثور الإسرائيلي وحماره في السبت فذلك تبعٌ لراحة صاحب الدابة إبقاءً على سلامتها، لا لذات الدابة. فلذلك لم يؤمروا إلا بإراحة دابتى العمل في يوم راحة صاحبهما، وكذلك قولها: "وست سنين تزرع أرضك وتجمع غلتها، وأما في السابعة فتريحها وتتركها ليأكل فقراء شعبك، وفضلتهم تأكلها وحوش البرية، كذلك تفعل بكرمك وزيتونك"، (?) فقوله: "وفضلتهم تأكلها وحوش البرية"، قطع لطمع صاحب الزرع أو الثمرة في جمع ما فضل عن حاجة الفقراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015