يُفسد تفسير الوجود في نظرهم، فتخيلوا وجودَ غير الواجب عدمًا، وجعلوا الوجودَ منحصرًا في الوجود الواجب.

وكأنهم أحبوا أن يجمعوا بين طريقتَيْ الحكماء والأشعري بما يناسب طريقتَهم في التواضع واحتقار هذا العالم الزائل. ثم اختلفوا في شرح هذا المبدأ، فبعضهم شرحه بأن العبد إذا قرُب إلى الله بصفاء السريرة وزكاء النفس وصالح الأعمال، انْمحى عن نفسه وعن سائر الممكنات، فلا يرى موجودًا إلا الله، وسَمَّوا ذلك المقامَ بمقام الفناء. واستروحوا له بما ورد في الحديث القدسي في الصحيح: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها" إلخ، (?) فقالوا: إذا تحقق هذا الكونُ (الذي في قوله: كنت معه)، صار العبدُ لا يشعر بغير وجود الله.

وقد أشار إلى هذا المعنى الشيخ عبد السلام بن مشيش (?) في صلاته المشهورة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015