ويشبه أن يكون الخلافُ بين الأشعري والحكماء قريبًا من الخلاف اللفظي؛ لأنه ناشئٌ عن اختلاف الاصطلاح في تفسير الوجودي وفي تفسير الزائد، وليس هذا موضعَ تحقيقه، فنكتفي بالإشارة إليه. على أن هاتين المسألتين مما لا يؤثر في العقيدة، نلتزم فيها اتباعَ الأشعري رحمه الله، الذي جعلناه قدوتنا في أصول الاعتقاد، وقد خالفه في هاتين المسألتين كثير من أصحابه.
فلما نظر بعضُ الصوفية في كتب الحكماء والكلام، اختاروا طريقةً ثالثة هي مزيج من الطريقتين، وذلك أنهم أثبتوا وحدةَ الوجود؛ أي أخذوا بقول الحكماء في أن الوجود حقيقةٌ متحدة مستقلة عن حقيقة الموجود من حيث إنه موجود؛ أي أن وجود الشيء ليس عينَ ذلك الشيء. فارتقى بعضُهم - عن غلوّ أو عن سوء تحقيق - فجعلوا أو توهموا أن مظاهرَ الوجود غيرُ متمايزة بالعوارض. وحيث كان التمايزُ بالعوارض مُدْرَكًا بالضرورة ولا مندوحةَ لعاقل عن الجزم به، أبَوْا أن يعتبروه لئلَّا