فمعنى كونها حقيقةً أنها مفهومٌ كلّي؛ أي كلّي منطقي، ومعنى كونها مطلقةً أنها غيرُ متوقِّفةِ التعقل على تعقُّل حقيقةٍ أخرى، ومعنى كونها جامعةً لكل شيء أن كلَّ شيء (وهو الموجود) تتحقق معه هذه الحقيقة. فالموجود يتوقف تعقُّلُه من حيث إنه موجودٌ على تعقل حقيقة الوجود، والموجود عند وجوده تتحقق ماهيةُ الوجود؛ أي لا يصير الوجود كليًّا طبيعيًّا (?) إلا عند تحقُّق الموجودات التي هي أشخاصُه، كما هو شأنُ وجود الكلِّي الطبيعي؛ بمعنى وجود أشخاصه. وعلى هذا فوجودُ الشيء ليس عينَ الشيء.
ثم إن الوجودَ بمعناه الأصلي - أي مفهومه - لا تفاوتَ فيه؛ لأن حقيقته غيرُ ملاحَظٍ فيها العوارض. فالممكن موجود، والواجب موجود، ولا تفاوتَ بينهما في نفس الوجود بمعنى الثبوت المطلق، وهو الحقيقة الجامعة للأفراد. قال ابن سينا: "إطلاقُ الوجود على الواجب وعلى الممكن بحسب مفهوم واحد مشترك بينهما، وامتياز وجود الواجب بعدم عروضه للماهية ووجود الممكن بعروضه وصف عارض لماهيته"؛ (?) أي ماهية الوجود.