الله تعالى جوهرًا خشيةَ أن يكون جسمًا؟ فهلَّا قرَّرْتُم أن لا يكون جوهرًا مخافةَ أن يكون عرضًا، والجوهرُ أضعف من العرض؟ فبصق أبو الهذيل في وجهه، فقال النظَّام: قبَّحك الله من شيخ! فما أضعفَ حجتك! (?)

وكان الخليفةُ المأمون يقول لأهل ناديه إذا جاروه على كلام: هلَّا سألتمونِي لِماذا؟ فإنَّ العلم على المناظرة أثبتُ منه على المهابة. (?)

دامت على ذلك الأمةُ الإسلامية متمتعةً باحترام الأفكار، جريءٌ كلُّ واحد على أن يبوح برأيه، وجريءٌ كلُّ مستمِعٍ على تقويمه بالحق. وإن وقع في خلال ذلك حادثة خلق القرآن، وحادثةٌ صغيرة وقعت بالقدس بين الباطنية وأهل السنة، إلا أنها لأسباب عالية (?) وغلط فاحش لا يسع ذكرُه اليوم.

ولَمَّا استُخدِمتِ الآراءُ للسياسة، وشاعت المداهنةُ بين الناس، وضعفت الكبراء عن الحجة، يومئذٍ ساد اضطهادُ الأفكار والضغطُ عليها، كي لا تسود على مخالفيها القاصرين الظاهرين في مظاهر العلماء المحققين. نعني بالسياسة ما يقرن سياسة الدول في تصرفاتها وأغراضها بسياسة الأشخاص المسيطرين في هواهم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015