البصري (?) رحمهما الله، وهو الذي كان مكلَّفًا بكتابة ما يميله الحسن من التفسير الذي يرد به على القدرية والمعتزلة. وما كان يمنعه ذلك من المجاهرة باتباعه مذهبَ المعتزلة، ومن التحاقه بدروس واصل بن عطاء الغزال (?) الذي قال له الحسن لما كثرت مناقشته: اعتزل مجلسنا. فكان عمرو بن عبيد يختلف إلى الدرسين جميعًا، وما كان ذلك يمنع الحسن من تكليفه بإملاء تفسيره. (?) حتى استُخدِم اختلافُ الآراء آلةً للتشيع السياسي، حين آذنت الدولةُ العربية والجامعةُ الإسلامية بالانحلال والافتراق اللذين تركا من الآثار ما نحن نتخبط في مصائبه ولأوائه حتى اليوم.
وكذلك الْحَجْرُ على الرأي يكون منذِرًا بسوء مصير الأمة، ودليلًا على أنها قد أوجست في نفسها خيفةً من خلاف المخالفين وجدل المجادلين. وذلك يكون قرينَ أحد أمرين: إما ضعف في الأفكار وقصور عن إقامة الحق، وإما قيد الاستعباد الذي إذا خالط نفوسَ أمة كان سقوطُها أسرعَ من هُويِّ الحجر الصلد. حكى الجاحظ أنَّ النظَّام دخل على شيخه أبي هذيل العلَّاف، (?) فقال: يا أبا الهذيل لم قررْتُم أن يكون