كان السبب أو الداعي، فإنه لا مراء في أن ذلك يعد نقصًا وقصورًا في ميزان التحقيق العلمي.
ويمكن أن نضيف إلى الجهود السابقة في جمع ما تناثر من تراث ابن عاشور ما صنعه كلٌّ من الأستاذين محمد بن يونس السويسي ومحمد بن إبراهيم بوزغيبة، وإن كان عملُهما قد اقتصر على الفتاوى دون البحوث والمقالات العلمية. وبصرف النظر عن أيهما سابق في ذلك، فإنا نعرض هنا لما أنجزه كلٌّ منهما حسب تاريخ نشره. محض بوزغيبة جهده لجمع فتاوى ابن عاشور دون غيره ونشرها بعنوان "فتاوى الشيخ الإمام محمد الطاهر ابن عاشور" (?) محتويًا على مائة وثلاثة عشر فتوى، بينما يندرج صنيعُ السويسي في سياق أوسع هو مجموع ما صدر عن علماء تونس من فتاوى خلال قرن من الزمان، وذلك في كتابه "الفتاوى التونسية في القرن الرابع عشر الهجري" الذي اشتمل على ثمان وثمانين فتوى (?). وكانت مصادرهما الرئيسة في ذلك الصحف اليومية والأسبوعية والمجلات العلمية التي كانت تصدر بتونس وفتحت صفحاتها لفتاوى ابن عاشور.
وقد سلك بوزغيبة والسويسي في محاولتيهما نهجًا موضوعيًّا في ترتيب الفتاوى على أبواب تتفاوت في حجمها حسب وفرة المادة المنضوية في كل باب. ومما يميز هاتين المحاولتين توثيق الشواهد والأقوال، والتعليق على جملة من المواضع شرحًا للفظ، أو بيانًا لمعنى، أو تصحيحًا لخطأ، حسبما قدره القائمان بهما من الحاجة إلى ذلك. على أننا نلاحظ أن بعضَ نصوص ابن عاشور التي عدها الأستاذان من قبيل الفتوى هو محلُّ نظر، إذا عايرناها بمعيار علمي دقيق في صناعة الفتوى، سواء