الأستاذ الحمد مختاراته وفق ترتيب موضوعي، فجاءت مقالاتُ ابن عاشور البالغ عددها ستة موزعة في مواضع مختلفة تبعًا لذلك الترتيب، وهي مأخوذةٌ كلها من مجلتي "السعادة العظمى" و"الهداية الإسلامية". إلا أن أحدها - وهو "من يجدد لهذه الأمة أمر دينها" - جاء منقوصًا نقصًا كبيرًا يتجاوز النصف، وقد اعتذر الأستاذ الحمد عن ذلك بأنه لم يتيسر له الاطلاعُ على جميع حلقات المقال (?).
وتختلف هذه المحاولات الثلاث من حيث المقالات التي اشتملت عليها إلا واحدًا، هو مقال "من يجدد لهذه أمر دينها الذي نشرته مجلة "الهداية الإسلامية" في تسعة نجوم. ولكنها تشترك جميعًا في أنها خلت خلوًّا تامًّا من أيِّ توثيقٍ لما جاء في تلك المقالات من آثار أو أقوال أو أشعار، كما خلت من أيِّ تعليق على ما بثه ابن عاشور في ثناياها من آراء، أو آثاره من مسائل، أو أومأ إليه من مواقف ومفاهيم. وبينما حرص علي الرضا الحسيني ومحمد إبراهيم الحمد على بيان مصادر المقالات التي جمعاها بذكر أعداد المجلة أو المجلات التي نُشرت فيها، جاءت محاولةُ عبد الملك ابن عاشور خالية من ذلك إلا قليلًا. والحقيقة أن خلو المحاولات المذكورة من التوثيق والتعليق والتحقيق أمرٌ لا يختص بها، فهو حالُ كل ما تيسر لنا الاطلاعُ عليه من مجاميع المقالات والفتاوى لعدد من العلماء والمفكرين (?). ويبدو أن سببَ ذلك هو ما تتطلبه عمليةُ التوثيق والتعليق والتحقيق من جهد مضن ووقت طويل ونفس أطول، ولا ينبئك مثلُ خبير! وربما كان الداعيَ إلى ذلك حرصُ الجامعين لتلك المقالات على إيصالها إلى القراء تعجيلًا لانتفاعهم بها. ومهما