بعد ما كان ملحًا أُجاجًا، وأبدع فيهما غرائبَ أوضح بها لمن بعده طُرقًا فجاجًا، حتى أصبحت روضةُ العلمين مفتحة الأزهار متسلسلةَ الأنهار"، إلى أن قال: "ولله درُّ القائل فيه:
سِرَاجُ المَعَالِي يُوسُفُ بنُ مُحَمَّدٍ ... بِمِفْتَاحِهِ قَدْ حَلَّ كُلَّ مُعَقَّدِ
وَأَعْجَزَ بِالإِيجَازِ فِي سِحْرِ لَفْظِهِ ... فَكَادَ بِهِ يسْبِي النُّهَى وَكَأَنْ قَدِ
فَلَمْ نَرَ فِي كُتبِ الأَوَائِلِ مِثْلَهُ ... وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْنِي بِهِ فَتَفَقَّدِ"
إلى آخر كلامه (?).
وقد جرى أسلوبُ تأليف "المفتاح" على طريقة الضبط، والتقسيم، والتحديد، والتدرج في توليد المسائل اللاحقة عن مسائل السابقة، والحوالة على قواعد العلوم الأخرى، وتعليل وجوهِ انحصار العلوم والأبواب فيما حوته من المسائل، وتلك هي الطريقةُ المتبعةُ في العلوم العقلية والمنطقية. فالسكاكي يُعنى بتلك الطريقة في تنظيم كتابه وتسويته، وتفريغ (?) مباحثه ومسائله، كما أفصح عن ذلك في ديباجته، من ذلك قوله: "وأنت تعلم أن المفرد متقدِّمٌ على أن يؤلف (أي يُرَكَّب) وطِباق المؤلَّف (أي المركب) للمعنى متأخر عن نفس التأليف، لا جرم أنّا قدمنا البعض على هذا الوجه وضعًا، لنؤثر تقدمًا استحقه طبعا" (?). وقال في صدر