أورد الأستاذ النجار شاهدًا على ذلك خطبةَ السيد الشريف في شرحه للقسم الثالث من المفتاح (?). وهنالك شاهدٌ أعظم، وهو كلامُ العلامة قطب الدين الشيرازي في شرحه الذي سماه "مفتاح المفتاح"، فإنه أبعدُ عهدًا، وأقربُ بالمؤلف عصرًا؛ لأنه أتمَّ شرحَه سنة إحدى وسبعمائة (701 هـ). قال: "وقد ألف الناسُ فيهما (أي علمي المعاني والبيان) وجلبوا ذهبًا، أو حطبوا حطبًا، وما من تأليفٍ إلا وقد تصَفَّحتُ سينَه وشينَه، وعلمتُ غثَّه وسَمِينَه، فلم أجد ما يُنتفع به (?) في ذلك حقَّ الانتفاع إلا كتاب "المفتاح" للإمام البارع، سراج الملة والدين، أبي يعقوب يوسف بن أبي بكر بن علي (كذا) السكّاكي الخوارزمي، برَّد الله مضجعَه، ونوّر مُهجته. وذلك أنه لمَّا كان إمامَ أئمة البلاغة ببيانه، ومالكَ أزمة الفصاحة ببنانه، وناظمَ درر الفوائد في منظوم فرائده، وناثرَ غُرَرِ الفوائد في منثور فوائده، استقادت له البراعةُ بأرسانها، واستفادت منه البراعةُ بفرسانها. فسوابقُ فصاحته لا تُجارَى حلباتُها، ولواحقُ بلاغته لا تُبارَى غلباتُها، ونفائسُ فرائده لا تُنَافَس. . . ومقائس فوائده لا تقاس في أحكامها، جرى طِرْفُ فضله المجلى في حلبة الرهان فجلّى، وسما طَرْفُ شرفه إلى معارج الطُّرَف وتعلّى، فارتقى من أفنان فنونه إلى مرقَى الفرائد، وعُدَّ من أماجد الأفراد وأفراد الأماجد. فهو الذي أصبح به بحرُ هذين العلمين عذبًا فراتًا