نعضد هذا المعتقد بقاطع في صحة الإجماع، [جريًا على ما التزمناه من إيراد القواطع]، فنقول: إذا أجمع علماء الأمصار على حكم شرعي وقطعوا به، فلا يخلو ذلك الحكم إما أن يكون مظنونًا لا يُتوصل إلى العلم به، وإما أن يكون مقطوعًا به على حسب اتفاقهم. فإن كان مقطوعًا به [على حسب اتفاقهم]، فهو المقصود. وإن كان مظنونًا [لا سبيلَ إلى العلم به]، فيستحيل في مستقِرِّ العادة أن يحسب العلماء بطرق الظنون والعلوم الظنَّ علمًا مطبقين عليه، من غير أن يختلج لطائفة شكٌّ أو يخامرهم ريب. وتقرير ذلك خرق للعادة". (?)

وأعجب من هذا أن المؤلف حاول في صحائف 17 - 18 - 19 أن يجيب عن الأحاديث التي استدل بها العلماء على وجوب نصب الإمام بما حاصله بعد نخله: أن ذكر القرآن لطاعة أولياء الأمور وذكر الأحاديث للخلافة أو الإمامة أو السمع والطاعة - وقال بعد أن شك في صحة ما هو معلوم الصحة منها: "إن معنى ذلك أنه إن وقع ذلك وقدره الله فإننا نقابله بما أمرنا به لا على معنى أنا ملزمون بإيجاد ذلك"، ثم نظره لما حكته الأناجيل أن "أعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله"، فما دل ذلك على أن حكومة قيصر من شريعة الله. قال: "على أننا أمرنا بطاعة البغاة والعصاة، فما كان ذلك دليلًا على مشروعية البغي" إلخ.

وهذا الكلام ضغث من أغلاط، وكان للناظر اللبيب غنى عن التوقيف على ما فيه. وملاك ذلك أن الأوامر النبوية دلائلُ على مشروعية الخلافة؛ إذ النبي لا يأمر بالمنكر ولا يؤيد أمرًا غير معتبر شرعًا. وقد احتج الفقهاء في الإسلام بدلالات الألفاظ النبوية حتى بدلالة الإشارة وحتى بما يضرب فيها من الأمثال، وتنظيره بما في الإنجيل خروج عن جادة القيل. وقوله: إنا أمرنا بطاعة البغاة كلامٌ باطل، بل قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015