الكتاب الأول: الخلافة والإسلام

الباب الأول: الخلافة وطبيعتها:

ذكر في صحيفة 7 أنهم لم يبينوا مصدر القوة للخليفة، وأنه استقر من عبارات القوم أن للمسلمين في ذلك مذهبين: منهم مَنْ يرى أن الخليفة يستمد قوته من قوة الله تعالى، ومنهم من يرى أن مصدر قوته هي الأمة.

وهذا الكلام الذي أطال به هنا بعيد عن التحقيق، اشتبهت فيه الحقيقة بالمجاز والحقائق العلمية بالمعاني الشعرية والمبالغات في المدح والغلو فيه، فجعل مُستَنَده في إثبات المذهب الأول نحو قولهم للخليفة: "ظل الله في الأرض"، ونحوه من الأبيات التي ذكرها وديباجات التآليف التي سردها (?).

هذا ولم يقل أحدٌ من علماء الإسلام إن الخليفة يستمد قوتَه من الله تعالى، إنما أطبقت كلمتُهم على أن الخلافة لا تنعقد إلا بأحد أمرين: إما البيعة من أهل الحل والعقد من الأمة، وإما بالعهد مِمَّن بايعته الأمة لمن تراه صالحًا. ولا يخفى أن كلا الطريقين راجعٌ للأمة؛ لأن وكيل الوكيل وكيل، فإذا بويع فقد وجب له ما جعله الله من الحقوق التي هي القوة المبينة في شرع الله تعالى؛ لأن الله حدد قوةَ الخليفة وجعلها لخدمة مصلحة الأمة، وجعل اختيارَ ولي أمرها بيد الأمة. ولم يقل أحدٌ: إنه يستمد من الله تعالى بوحي ولا باتصال روحاني ولا بعصمة (?). ولا خلافَ أن حكم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015