عبد الملك بن سراج اتصلت أسانيدُ ابن الإفليلي بمشيخة ابن حبيش التي قام عليها السندُ التونسي.

ابن سيده:

استمرت العصبية الأندلسية للغويين المغاربة - أبي علي القالي، وأبي بكر الزبيدي، ومنذر بن سعيد، وابن القوطية، وابن القزاز وأمثالهم - تسد الطريقَ على كل وافد بجديد من علم اللغة والتآليف التي طفحت بها البلاد المشرقية في القرن الرابع، وناهيك بما لقي صاعد ابن الحسين البغدادي من تسفيه وازدراء استفاضت بهما الأخبار (?). حتى نبغ في أوائل القرن الخامس شابٌّ ضرير ظهر بمدينة مرسية، من شرقي الأندلس، تكوَّن بنفسه وبأبيه، ثم بالتخرج على صاعد البغدادي، ذلك هو أبو الحسن علي بن إسماعيل ابن سيده (?). فكان له من الإعجاب بنفسه، والاعتداد بسعة علمه، ما سما به عن منهج العصبية، ونزع به إلى استصغار ما كان يستكبره معاصروه ببلاد الأندلس، فأقدم بذلك على تصنيف اللغة تصنيفًا جديدًا، سنَّ منهجه على إتقان الترتيب، واستيعاب المواد، وتوجيه اللغة بالنحو والتصريف، من كل ما أُخذ على المتقدمين خلوُّ تصانيفهم عنه. فأخرج على ذلك المنهج كتابيه العظيمين: المرتب أحدهما على الألفاظ وهو كتاب "المحكم"، والآخر على المعاني وهو كتاب "المخصص". ونوه في مقدمة كل منهما بنفسه وعلمه وامتياز طريقته (?)، ولم يكترث في واحد منهما بأحد من سابقيه إلى صناعة اللغة في الأندلس، إلا أبا علي القالي. وقد جلى ابن سيده في هذا البيان، ولا سيما بكتاب "المحكم" الذي بقي عمدةَ العمد للمعاجم اللغوية على مر القرون (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015