وقد جزم علماءُ العربية بأن ناسًا من المولَّدين قد بلغ حظُّهم في العربية مبلغَ أن يكون كلامُهم حجةً فيها، مثل الإمام محمد بن إدريس الشافعي؛ لأنه نشأ في هُذَيل حتى إن الأصمعي روى عنه عربيةً كثيرة، ومثل أبي الطيب المتنبي وأبي القاسم الزمخشري. فليس بشارٌ بالقاصر عن هذه المرتبة التي وُضِع هؤلاء فيها؛ إذ هو معاصرٌ العجاجَ وذا الرمة ورؤبةَ بنَ العجاج.

على أن بشارًا كان يُدِلُّ بعلمه في العربية، فيعمد إلى تغيير في بعض الكلمات إذا رأى لذلك داعيًا. قال أبو هلال العسكري في "ديوان المعاني": ذكر بشار في قصيدة له داليّة بناها على فتح حرف الرِّدْف (?) فوقع له فيها لفظ "صِنْدد" و"رِمْدد" ففتح دَالَيها، إذ حَكى محمد بن حبيب أنه رواهما بفتح الدالين، والفتح خطأ، إذ ليس في العربية فِعْلَل إلا دِرْهَم، وهِجْرَع الطويل الأحمق، وهِبْلَع الكثير البلع، وقِلْعَم الكثير القلع للأشياء. قال أبو هلال: "وكابَرَ في فتح الراء من دَرَم في القصيدة التي أولها: أَفيضَا دمًا إن الرَّزايا لها قِيم". (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015