الأمر (بضم العين وسكون الظاء)، يريدون أكثره. قال أبو منصور: قاس الفراء الكُبْرَ على العُظْمِ، وكلامَ العرب على غيره". (?)

فبشار قد نشأ في مواطن العرب بالبادية، وأدرك العربَ الباقين من بني عامر بن صعصعة وتلقى اللغة بسمعه، ولم يخلط في معاشرته بين العرب والمولدين. فهو لنشأته في ذلك العصر لا يُتَّهم بأنه يخترع لغةً أو يقيس فيها على غير أصل؛ إذ ليس به مُلجئ إلى ذلك، وله في سعة العربية مَنْدُوحةٌ عن الدخول في مضايق الاختراع والقياس. فما نجده في شعره من صيغ لموادَّ عربية مما لا شاهدَ لثبوته في كتب اللغة فليس ذلك بسبيل أن يُعَدَّ عليه لَحْنًا، كيف وهو عربي السليقة باتفاقهم؟ ولكنه لا يُظَن به إلا أن يكون قد سمع ذلك من العرب فاستعمله، أو عَلم من عادتهم اشتقاقَ مثله وجوازَ قياسه.

فإذا كان رواةُ العربية وعلماؤها قد أبَوْا أن يتلقَّوا من كلامه ما يجعلونه شاهدًا للعربية، لأجل دخوله الحواضِرَ، ومعلوم ما كان في نفوسهم من الظِّنَّة لمن تطرقوا الحواضر بسكناهم، حياطةً للعربية أن يُثبتوا فيها ما يطرقه الاحتمال، فهو أيضًا بعربيته لا يعبأُ بإِباءِ رُواة العربية مما أبَوْه عليه، وهذا مثارُ الخلاف بينه وبين سيبويه والأخفش في عدة مسائل (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015