لما كان النسيب والغزل يفيض عن العشق، وهو استحسان الذات، وكان بشار فاقدَ البصر، فقد انتحل لغرامه نِحْلةً جديدة، وهي دعوى أن عشق السمع كعشق البصر. وإن إجادته النسيبَ لأوضح دليل على قوة تخيله الشعري وفصاحة لسانه، وقد تقدم في مبحث غرامه ما فيه غُنْية عن التطويل. ومن المعاني التي لم أرها لغيره في النسيب ذكرُ تصوير محبوبته ومناجاة صورتها، ويذكر أن التصوير في التراب (انظر البيتين في الورقة 102) (?).
الهجاء بابٌ من أبواب الشعر القديم، لكنه قليلٌ بالنسبة للحماسة والمفاخر والنسيب. وهجاءُ العرب معظمُه نَبْزٌ بمعايبَ واقعة من قبائح المهجو وسقطاته وحط لمقداره وتعيير له بمساوئ الخلال عندهم من الجبن وتحمل الضيم واللؤم. وأشهرُ طرائقه طريقة التعريض والتلميح والمبالغة، يقصدون من إيداع هذه الفنون فيه أن يكون [أسْيَرَ] بين الناس، كقول عُوَيْفِ القَوَافِي (?) في هجاء قبيلة اسمها وَبْر: