شرف صناعته، وكان النظمُ متأخرًا عن رتبة النثر، وجب أن يكون الشاعرُ أيضًا متخلفًا عن غاية البليغ" (?)،

يعني أن الشعراءَ في الجاهلية اتخذوا الشعرَ مكسِبة، وتعرضوا به للعطاء - مثل الأعشى والنابغة الذبياني وزهير - فغضَّ منهم. وفي "صبح الأعشى" - في موادِّ البيان - يُروى أن النابغةَ الجعدي - رضي الله عنه - "كان سيِّدًا في قومه، لا يقطعون أمرًا دونه، وأن قولَ الشعر نقَصَهُ وحطَّ رتبته". (?) وبعضُهم تعرَّض به إلى أعراض الناس بالطعن في الهجاء، مثل الزبير بن عبد المطلب (?) والحطيئة، أي فكره الناسُ ذلك منهم. وسكت المؤلِّفُ عن الذين اتخذوه للغزل واللهو، فشغلهم عن عظائم الأمور.

والحاصلُ أن في نحلة الشعر ما كان مجلبةً للغضِّ من أصحابه بالرغم مما يعترفُ لهم به الناسُ من حسن البيان. فقول من قال: "الشعر أدنى مروءة السَّرِي، وأسرى مروءة الدني"، قولٌ صادر عمَّنْ لحظ من الشعر بعضَ عوارضه. وإلا فقد كانوا يعدون الشاعرَ ينافح عن القبيلة ويرفع من ذكرها، فقيل كانوا يُولمون إذا نبغ فيهم شاعر، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن من الشعر لحكمة". (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015