• "حتى إنك تراه ينتهي إلى البيت الجيد فيه لفظةُ تُشينه فيجبر نقيصتَه من عنده، ويبدل الكلمةَ بأختها في نقده" (?)،

إنما حدَا أبا تمام إلى ذلك، أنه لما قصد إلى اختيار ما يختار من الشعر لم يقصد صحةَ رواية أشعارهم؛ لأنها كانت مجموعةً مروية، وإنما أراد تقريبَ المختار منها إلى أذواق الناشئين في صناعة الشعر، لتكون لهم مثالًا تحتذيه أذواقُهم، ومنوالًا تُنْسجُ عليه أشعارُهم. ومع هذا فإنه لا يصير إلى هذا التغيير إلا نادرًا عند الاقتضاء، فقد عمد إلى قول الربيع بن زياد في رثاء مالك بن زهير (?):

مَنْ كَانَ مَسْرُورًا بِمَقْتَلِ مَالِكٍ ... فَلْيَأْتِ نِسْوَتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ (?)

فغيَّره، وجعله: "فَلْيَأْتِ سَاحَتَنَا"، وحمله على ذلك كراهيةُ تعليق فعل الإتيان بالنسوة. وكذلك عمد إلى قول تأبط شرًّا:

وَأُبْتُ إِلَى فَهْمٍ وَمَا كِدْتُ آيِبًا ... وَكَمْ مِثْلُهَا فَارَقْتُهَا وَهْيَ تُصْفِرُ (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015