و"العمود" عودٌ عظيم يُرْكَزُ في الأرض تُقام عليه القبةُ أو الخيمة، وتُشد بأعلاه، ويتفرع منه أديمُ القبة أو ثوبُ الخيمة إلى أن تُشدَّ بالأرض بالأوتاد على شكل قبة أو هرم. فما به قِوامُ الشعر فهو كالعمود للبيت، وقد وقعت هذه العبارةُ للحسن الآمدي في "الموازنة" وساق في كلامه ما محصله: إن عمودَ الشعر هو الأسلوبُ الذي سلكه فحولُ الشعراء من عهد الجاهلية وما بعده في بلاغة الكلام، وإحسان المعنى، والبعد عن التكلف، وتجنب استكراه الألفاظ والمعاني (?). وذَكر عن البحتري أنه سئل عن طريقته وطريقة أبي تمام، فقال البحتري: "أنا أقوم بعمود الشعر، وأبو تمام كان أغوص على المعنى" (?)، فبيَّن أنه امتاز عن أبي تمام بإجادة الناحية اللفظية من شرائط الإجادة، وأن أبا تمام امتازَ بالناحية المعنوية.
فتحصَّل أن عمودَ الشعر هو مجموعُ شرائط الإجادة اللفظية والمعنوية، وهو الذي اعتمده المؤلف.
• "ولكلِّ بابٍ منها معيار" (?)، المعيارُ اسم آلة للتعيير، والتعيير تحقيق الوزن أو الكيل على ميزان أو مكيال محقَّق المقدار، مضبوطٍ لا زيادةَ فيه ولا نقصان عن المقدار الذي يُستعمل له. يقال: عيَّر الدينار، إذا وزنه بدينار محقق الوزن، وعير المكيال كذلك. ويقال لما به الكيلُ أو الوزن: معيار وعيار أيضًا، كما سيجيء في عبارة المؤلف.
ومعنى كلامه أن لكل بابٍ منها ضوابطَ ورسومًا بها يكون الشعرُ حسنًا مقبولًا، وممَيَّزًا عن القبيح المردود عند أهل النقد، مع بيان ما به إدراكُ تمييز الحسن