"والإصابة في الوصف" (?)، المراد بالوصف معناه المصدري وهو التصوير والإيضاح، قال تعالى: {وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ} [النحل: 62]. وليس المراد ما يرادف الصفةَ من نحو النعت والحال؛ لأن ذلك أخصُّ من المقصود هنا. فإصابةُ الوصف هي أن يصوِّرَ المتكلمُ ما أراد التعبيرَ عنه من المعنى تصويرًا مطابقًا لما عليه الشيءُ الموصوف في الخارج والواقع، من غير انعكاس ولا انتقاض. وضدُّ إصابةِ الوصف الخطأُ فيه كلًّا وهو الغلط، أو بعضًا وهو العيب، أي عيب النقص في التوصيف. والشاعر أكثر تعرضًا لهذا من الكاتب؛ لأن الشاعر يَكثر منه تخيلُ المعاني من غير مشاهدة، فربما أخطأ في تخيله أشياءَ لم يعتد الإحاطةَ بصفاتها، أو خفيَ عنه بعضُ ما يدق من مشاهدته إياها. وقد عُدَّ بشار بن برد من أعجوبات الشعراء؛ إذ كان مع عماه لا يكاد يُخطِئُ في الأوصاف الدقيقة، وحسبك بيته المشهور:
كَأَنَّ مُثَارَ النَّقْعِ فَوْقَ رُؤُوسِنَا ... وَأَسْيَافِنَا لَيْلٌ تَهَاوَى كَوَاكِبُهْ (?)