وإن كانت مراعاتُه ترتبط بمراعاة موقع معنى الجملة من معنى التي قبلها، فملاحظةُ موقع الجملة شرطٌ في مراعاة الفصل والوصل في علم المعاني. فلأن مسائلَه ليس لها شائبةُ اندراجٍ في مسائل علم البيان، ولا في مسائل علم البديع، كان علمُ المعاني أولَى بضمها، وهي بالفصاحة أعلق. وينبغي أن يُنتَبَهَ لهذا الصنيع الذي صنعه المرزوقي بتدقيقه، وسيأتي ذكرُ الفصول والوصول في عيار التحام أجزاء النظم.

"وتعادلَ الأقسام" (?)، يريد بتعادل الأقسام ما يسمى عند الأدباء بصحة التقسيم، ثم مقابلة كل قسم من المعاني المتحدَّث عنها بقسميه، وعدم الغفلة عن ذلك ولا التخليط فيه.

وقد قال المؤلف لما ذكر المقابح: "أو يكون في القَسم أو التقابل أو التفسير فساد" (?)، واعلم أن هذا مبحثٌ عظيم من مباحث علم الخطابة تكثر الحاجةُ إليه فيها، ومنزعٌ دقيق من منازع صناعة الترسُّل وصناعة الشعر، وتفصيله في كتب البديع ونقد الشعر. و"التعادل" التكافؤ، أي لا يكون بعضها أوفر في الذكر. و"تعادل الأوزان" ظاهر أن ليس مراده بالأوزان أوزان الشعر؛ لأن كلامَه هنا على شرائط الاختيار في الكلام المنثور، ولأن حقيقة الشعر مشروطةٌ بتعادل أوزان. وسيجيء كلامُه على ذلك بالنسبة للشعر في ذكر الباب الخامس من الأبواب السبعة التي جعلها عمودَ الشعر، ولذلك لم يَعُدَّ هناك تعادلَ الأوزان، وإنما ذكر إتمامَ أجزاء النظم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015