المطلع الحسن؛ فإن من المعاني المطروقة بكاء الديار الذي ابتكره امرؤ القيس، ومع ذلك تجد مطالع للنابغة في هذا المعنى لطيفة ومن أحسن المطالع قول عنترة: "هل غادر الشعراء من متردم" (?).

وعرف بإجادة المطالع أبو تمام والبحتري والمتنبي. وكذلك الأمر في الرسائل، مثل الرسالة الرقطاء للحريري. أما فواتح سور القرآن فقد وردت على أكمل الوجوه، بخلاف مطالع رسائل البديع والخوارزمي إذ التزما غالبًا افتتاحها بكلمة "كتابي"، ولعلها جرت بها عادة الكتَّاب في بلادهم.

"وَعَطْف الأَوَاخر على الأوائل" (?)، أراد به ما يُسَمَّى عند المتأخرين ردَّ العجز على الصدر، ويسمى عند المتقدمين التصدير، وأمثلتُه كثيرة. ولفظ "عطف" في كلامه هو بالمعنى اللغوي، وهو الرجوعُ والميل، وليس المراد المعنى النحوي.

"ودلالة الموارد على المصادر" (?)، أراد بها براعةَ الاستهلال، وهي أن يؤتى في أول الكلام بمعان فيها إيماءٌ إلى الغرض المقصود منه، فكأنه في أول كلامه واردٌ للماء، وكأنه في آخر كلامه صادرٌ عن الماء. وهذا قسم من براعة المطلع التي سماها المؤلف آنفًا "تلطيف المطلع". و"الموارد" جمع مورد، وهو مكانُ ورود المستقين، أي مجيئهم إلى الماء، قال تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} [القصص: 23]. و"المصادر" جمع مصدر، وهو المكان الذي يصدر المستقون منه عن الماء بعد السقي، قال تعالى: {قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} [القصص: 23]. قال قُس بن ساعدة:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015