لَدَى أَسَدٍ شَاكِي السِّلَاحِ ... لَهُ لِبَدٌ أَظْفَارُهُ لَمْ تُقْلَمِ (?)
فقوله "له لبد أظفاره لَمْ تُقْلَمِ" ترشيحان، وقول النابغة:
وَبَنُو قُعَيْن لَا مَحَالَةَ أَنَّهُمْ ... آتُوكَ غَيْرَ مَقَلَّمِي الأَظْفَارِ (?)
وقد يأتون مع الاستعارة بما يناسبُ المعنى المستعارَ له إغراقًا في الخيال أيضًا، بدعوى أن المشبَّه قد اتحد بالمشبَّهِ به فصارا حقيقةً واحدة، حتى إن الأسدَ يحمل بيده سيفًا في قوله: "لدى أسد شاكي السلاح"، وحتى إن ريح الشمال تُمسِكُ بيدها زمامًا في قوله: "بيد الشَّمال زِمامُها". ويسمون ذلك تجريدًا؛ لأن الاستعارة جُرِّدت عن دعوى التشبيه إلى الحكم بالاتحاد والتشابه التام. ويكون ذلك مع المصرحة والمكنية، كما علِمْتَه في المصرحة. وأما المكنية فإن ما يُذكَرُ من لوازم المشبه به صالِحٌ أبدًا ليكون ترشيحًا، فكلٌّ من التجريد والترشيح إكمالٌ للاستعارة وإغراقٌ في الخيال. ومن ثم لم يمتنع الجمعُ بينهما في كثير من كلامهم، كما في بيت زهير المتقدم.
وهذا يحقق لكم أن كلًّا من الترشيح والتجريد مشتمِلٌ على مبالغة في التشبيه من جهة (?)، وان الترشيح والتجريد يخالفان القرينة (?)، وأن التجريد ليس