وَبَدَا الصَّبَاحُ كَأَنَّ غُرَّتَهُ ... وَجْهُ الخَلِيفَةِ حِينَ يُمْتَدَحُ (?)

وقد يُحذف المشبَّهُ به، فيكون التشبيه مكنيًا، ويُشار إليه ببعض ما هو من خصائص المشبَّهِ به، كقول النابغة:

فَبِتُّ كَأَنَّ العَائِدَاتِ فَرَشْنَ لِي ... هَرَاسًا بِهِ يُعْلَى فِرَاشِي وَيُقْشَبُ (?)

فالمشبه به هو المريض الذي يشتد ألمه بالليل، وقد حذفه وأشار إليه بالعائدات؛ لأن المقصود تشبيهُ نفسه لا تشبيه العوائد. وإنما جاء بذكر "فرشن لي" زيادةً في تهويل آلامه. وهذا النوع هو الذي تتفرع منه الاستعارةُ المكنية، ولم يذكره المتقدمون.

الحقيقة والمجاز:

الحقيقة الكلمة المستعملة فيما وُضعت له، والمجاز اللفظُ المستعمل في غير ما وُضع له لعلاقة، مع قرينة مانعةٍ من إرادة الحقيقة. وإنما قلنا: "اللفظ" دون "الكلمة" ليشمل هذا التعريفُ المجازَ المفرد والمجازَ المركَّب كما سيأتي. وإنما قلنا: "المستعمل في غير ما وضع له" دون غيره من العبارات؛ لأن الكلمة تُعد مجازًا إذا استعملت في غير المعنى الموضوعة هي له في اللغة، سواء كان استعمالُها في المعنى المجازي أقلَّ من استعمالها في المعنى الحقيقي أم مساويًا أو أشهر، فإن المجاز قد يشتهر ويُسمَّى بالحقيقة العرفية مثل الزكاة والتيمم، ومثل الفاعل والقياس (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015