ثلاثةٌ تُشْرِقُ الدُّنْيَا بِبَهْجَتِهَا ... شَمْسُ الضُّحَى وَأَبُو إِسْحَاقَ (?)
وهذا كلُّه ما لم يكن التقديمُ لسبب يحتم التقديمَ في النحو، مثل تقديم أدوات الصدر في نحو: كيف أنت؟ وأين اللقاء؟ ومتى الظعن؟ أو لسبب يُعرف أنه لفظي لا غرضَ فيه لغير اللفظ، مثل التقديم لأجل السجع، كقول الحريري في المقامة الأولَى: "فوجدته مثافنًا لتلميذ، على خبز سَميذ، وجَدْيٍ حَنيذ، وقُبالَتَهما خابيةُ نبيذٍ" (?)، فتقديم قوله "قبالتهما" على المسند إليه لقصد السجع إذ لا يحتمل معنى القصر. وأصلُ المسند التنكير، وقد يُعرَّف لأغراض أهمُّها إفادةُ القصر، كما سيأتي في بابه.
وهي المفاعيل والظروف والمجرورات والحال والتمييز. وأهمُّ ما يتعلق به غرضُ البليغ هو أحوال المفاعيل، وخاصةً المفعول به. فإنه الذي تعرض له أحكامُ الحذف دون غيره من المفاعيل؛ لأنه إذا لم يُذكر علمنا أنه محذوف، إذ الفعل المتعدي يطلب مفعوله طلبًا ذاتيًّا ناشئًا عن وضع معنى الفعل المتعدي. فإن الفعلَ اللازم وُضع ليدل على حدثٍ صادر من ذات واحدة، والفعل المتعدي وُضع ليدل على حدث صادر من ذات ومتعلق بأخرى.
أما بقيةُ المفاعيل فإنها إذا لم تُذكر لا يوجد دليل يدل على أن المتكلمَ قصد ذكرَها (?) ثم حذفها. وكذلك أحكامُ التقديم إنما تغلب مراعاتُها في المفعول به. فإذا