القرينة. فحينئذ يساوي الحقيقة، أو يقاربها، أو يصير أشهرَ منها. وقد عدوا من أسبابِ المصير إلى المجاز دون الحقيقة في الكلام شهرةَ المجاز. ولقصد ضبط هذا الاستعمال وضع العلامة الزمخشري كتابه "أساس البلاغة" في اللغة (?).
وما اتسعت اللغةُ وكثرت مفرداتها إلا بمثل هذه التوسعات التي هي مسمى الوضع عند التحقيق، إذ ليس وضعُ اللغة بتصدي أفراد أو جماعات لجمع حروف تتركب منها كلمات تجعل لمعان مخصوصة.
وشواهد استعمال لفظ "كل" غير محتمل إلا معنى الكثرة لا تنحصر، فمن القرآن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ (96) وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ} [يونس: 96, 97]؛ فإن "كل آية" وإن وقعت في حيز المبالغة هنا لا تُتصور إلا على معنى الكثرة الشديدة؛ لأن جنس الآيات الدالة على الصدق لا يقبل النهاية، وقوله تعالى: {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27)} [الحج: 27]، وقوله تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا} [الأنعام: 25]. وقال النابغة:
بِهَا كُلُّ ذَيَّالٍ وَخَنْسَاءَ تَرْعَوِي ... إِلَى كُلِّ رَجَّافٍ مِنَ الرَّمْلِ فَارِدِ (?)
وقال ذو الرمة:
بِهَا كُلُّ خَوْثَاءِ الحَشَا مَرْئِيَّةٌ ... رَوَّادٌ يَزِيدُ القُرْطُ سوء قذالُهَا (?)