قَنْواءُ في حُرَّتَيها لِلْبَصِيرِ بِهَا ... عِتْقٌ مُبِينٌ وَفِي الخَدَّيْنِ تَسْهِيلُ

قال رسول الله للحاضرين: "ما حُرَّتاها؟ "، فقال بعضُهم: عيناها، وسكت بعضُهم، فقال رسول الله: "هما أذناها"". (?) فسؤال الرسول للحاضرين، وعدم اهتداء العرب الحاضرين لمراد الشاعر من إطلاق لفظ الحرتين على الأذنين، دليلٌ على أنه إطلاقٌ لم يكن معروفًا للعرب من قبل، وأن الشاعر أراد بالحُرتين علامةَ الحرية، أي علامة النجابة؛ لأن العرب تطلق وصفَ الحر من كل شيء على مستكمل أوصاف الكمال فيه، وأن الرسول - عليه السلام - علم مرادَ الشاعر من فرط فطنته، إذ كان لا يصلح من شِيَّات الإبل أن يكون دالًّا على النجابة إلا الأذنان.

وقريبٌ من مثالنا هذا ما قاله علماءُ العربية من أن أميةَ بن أبي الصَّلْت [كان] ينطق بكلماتٍ لا يعرفُها العرب ثم تشيع، كقوله: "قَمَرٌ وَسَاهُورٌ يُسَلُّ ويُغْمَدُ"، أراد بالساهور الظلمةَ البادية مع الهلال من بقية كرة القمر، وقوله أيضًا: "هُوَ السَّلْطيطُ فَوْقَ الأَرْض مُقْتَدِرُ" (?)، أراد به الله تعالى، حتى توهم بعضُهم أنها كلماتٌ جاءت من العبرية؛ لأنه كان مِمَّنْ تَحنَّث في الجاهلية وقرأ في كتب اليهود (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015