يجيء ذلك من لغتين، أو لحذف واختصار وقع في الكلام، حتى اشتبه اللفظان، وخفي ذلك عن السامع فتأول فيه الخطأ (?).
وهذا هو القولُ الفصل؛ وذلك أن مِمَّا يجب التيقُّظُ له أننا حين نذكر وضعًا لغويًّا وواضعًا لسنا نريد بذلك أن شخصًا أو جماعةً تصدَّوْا لوضع اللغة، فانتصبوا لذلك في أيامٍ أو ساعاتٍ يُرَكِّبون الحروف، ويصوغون الكلمات، ثم يلقنونها الأقوامَ الحافّين بهم؛ لأن هذا أمرٌ يحتاج إلى نُظم وتواطؤ، ولم يكن في أحوال الأمم السابقة ما يسمح بتكوين هذه الفكرة.
وإنما نريد من الواضع مجموعَ الفصحاء في عصور مختلفة وقبائل متعددة من خطبائها وشعرائها وحكمائها، الذين لم يزالوا يُهذِّبون مفرداتِ كلامهم وصيغَ تراكيبه، ليأتوا بالأحسن فالأحسن في أذواقهم، ويودعوه هم خطبَهم وأشعارهم، فيتلقفه عنهم